söndag 20 juli 2014

المرأة



بحسب العلوم الاجتماعية اليوم فان  مشكلة عدم المساوات بين الرجل والمراة او بالاحرى مشكلة سلطة وتسلّط الرجل على المراة هي مشكلة عالمية, لها توابع ومشاكل كثيرة متعددة ومتشعبة. ان مشكلة المجتمع الذكوري هي عالمية ولكن  طبعا ليست مطلقة. فان هناك الكثيرات ممن ثاروا او رفضوا الدونية وجاهدوا بحسب ظروفهم حتى وصلوا الى مراكز مرموقة وقدموا  لعائلاتهم او للمجتمع من  عطاءاتهم. او انهم عملوا جاهدين على تنمية مواهبهم لكي يستعملوها لخير العائلة والمجتمع.

يقول الباحث بيير بورديو[1] ان المجتمع الذكوري يستعمل ما يسميه هو العنف الرمزي على المراة من خلال المجتمع ومؤسساته والعائلة وهي تعتنق هذا العنف الرمزي وتدخله في ذهنها ونفسها لانها مسبقا تعيش حياة دونية في ظل الرجل وتترجم هذا الخضوع عمليا، فكريا وحتى نفسيا وعاطفيا. وهناك باحثون اخرون يدركون دور المراة المتلقية الخاضعة  للدور الذي يرسمه لها الرجل او المجتمع هذا. ولكن طبعا فان هذا ليس الحقيقة الكاملة, اذ تستطيع المراة كانسان ان تستعمل اي ظرف او اي قوة معرفة لديها لكي تقاوم او لتتحدى او لكي تتحرّر من الدونية وتحرّر معها اخريات على صعيد الحياة اليومية او على صعيد المجتمع والعمل. في ظروف المراة في لبنان ياتي الخضوع في اكثر من وجه عندما تُقدِم المراة على زواج  و تكوين عائلة و تكتشف ان زوجها مستبد وترضخ للامر الواقع من اجل الاطفال والعائلة والعيب. وربما وكثيرا من الاحيان يضربها زوجها وهي لا تعرف الى اين تذهب لانها ليست بمتعلمة او عاملة ولا تقدر ان تعيل نفسها واولادها.

لقد عالج سيدنا جورج خضر موضوع المراة في عدة مقالات في جريدة النهار. وقد  قمت بدراسة صغيرة تبيِّن ان لسيدنا اراء عديدة وان الكثير منها له مرادف في تقاليد حركة المرأة التحررية في الغرب. ما اردته، وكان هذا في بداية دراستي للجندر[2]، ان اسلّط القليل من الضوء على هذه الامورالايجابية من كنيستي ولكن الغير المعروفة في محيطي الجامعي في السويد. خاصة وان الناس هنا لا يحبون الدِّين ومنهم من لا يعترف انه مسيحي امام الاخرين خوفا على نفسه من نظرة الاخرين له.

 يقلقني اليوم في  كنيستي عدة  امور منها موضوع  المراة والرجل الارثوذكسي في لبنان. لماذا دائما نكتب الكتب والمقالات ونتكلم عن المراة و كل شؤونها ومشاكلها دون الرجل. لماذا لا نكتب عن الرجل، ولو لمرة واحدة وعن هويته التي غالبا ما يبنيها في المجتمع على قوة السلطة والمال والمقتنيات الباهظة الثمن وعلى رجولة مستكبرة مستوهمة منتفخة لا صلة لها باصولنا المسيحية. لماذا لا نكتب و نتكلم ونحاور و نفتح الاجتماعات كي نفكك الرجولة المزيفة هذه والانوثة المغرورة والمندهشة بجمال جسدها او المستبدّة بعائلتها هي الاخرى بسبب غباء وجهل، لكي نقوّم طريق الرب ونجعل سبله مسقيمة. ونزرعه في قلوب مستعدة لقدومه. في العالم شوك وهموم كثيرة علنا نساعد على ابعاد بعضها.

اين هي الكنيسة اليوم من تحرير الرجل والمراة في  آن من قيود الانسان القديم وعبودية البشرية الساقطة ليطل علينا الانسان الجديد في كل بهائه  وجمالاته. خوفي ان مات الرجل والمراة الشرقية المسيحية في الخطيئة والضعف والوهن فلن يبقى ملح ولا نور على الارض.

وما يقلقني ايضا هو ان تستلم حركة المراة التحررية الغربية، التي ليس عندها اي اعتبار للمحرمات عندنا، القيادة العالمية في هذا المجال، وتنشر تعاليمها الجيدة والغير الصالحة بدون تمييز في عالمنا الشرقي، وهذا ما يحصل اليوم, وتجلب اليها ابناءنا وبناتنا بسبب نقص محتمل ربما يشعرون به في كنيستهم او عدم تسليط الاضواء على بعض امورالحداثة التي تشغلهم اليوم وتشغل العالم باسره في كل مكان. انا لا اتكلم هنا عن تبني كامل للافكار الجندرية ما عاذ الله وانا اعرف حق  المعرفة ان البعض منها مهلك ومدمر للانسان المسيحي. بل كل ما اتمناه ان نتبنّى معا شؤون وهموم واوجاع المرأة ونتكلم بدون خوف عن حقوقها في العائلة والمجتمع و عن ما يُطلب منها في كنيستها ايضا،  لان العمل في الكنيسة خدمة وليس صلاحية.

انا لا ادعوا الى اي تطرّف في هذه الامور فان الايمان ومحبة الرب تدعونا الى استلهام ما هو جّيد للانسان من العلوم وما لا يتعارض مع ايماننا الحيّ وهذا ما يقوله سيدنا جورج خضر وغيرهم. انا اعتقد انه علينا ان نتكلم عن هذه  الامور ولا نتركها في الظلال. علينا ان نبعث بالرجاء والقوة والايمان والمعرفة مع تمييز كامل، في النفوس التي استضعفها الدهر رجالا ونساء واطفال. لان قرارات كثيرة وامور كثيرة مصيرية صغيرة وكبيرة هي  في يد الانسان امرأة ورجل في البيت كما في المجتمع. ان عملنا على بناء الانسان السوي والمتكامل وتقوية الضعيف او المستضعف و علمنا الابناء والبنات منذ الصغر ان يحملوا مسؤولية خياراتهم ونعلمهم احترام ذواتهم المعمدة اولا، فاننا عندئذ سوف يكون للجيل الاورثوذكسي الآتي مستقبل في لبنان.

لا مستقبل  لنا في اي مكان ان لم نسعى اولا في بناء الانسان السوي فكريا، نفسيا، جسديا وايمانيا. انا اتكلم كامراة اورثوذكسية تعرف جيدا ما تركته حرب لبنان من ضعفات ووهن وعدم ثقة واعرف جيدا ما دفعته من اثمان عذابات من جراء هذه الامور حتى اتخطى الصعاب وابني ذاتي. وافكر بهؤلاء اللذين استضعفهم الناس و كاد يقوى عليهم الزمن. بقوة الايمان والمحبة الصادقة والرجاء والتعاون مع المعرفة الضرورية  الشاملة في شؤون المرأة والرجل والطفل في  لبنان والمهجر نقدر على الاقل ان نساعد الافراد والعائلات ان لا يرزحوا تحت ثقل المشاكل والهموم الزوجية او العائلية او الشخصية والاجتماعية بل ان يقووا عليها ويحلوها متحلّين شيئا فشيئا بكل الفضائل اللازمة، وخاصة بالتواضع والترتيب والاحترام والمحبة والتعقل فيحيوا حياة اكثر كرامة.
الله له المجد قادر على كل شيء، وهو قادر حقا ان يزيل الاحمال الثقيلة، والتجارب المنهكة والهموم والاحزان عن اكتافنا وقلوبنا كما فعل معي وانقذني حقا من تجارب صعبة في الغربة.  وانا كعضوة في كنيستي لا ارى بعد اليوم، انه يستحيل شيء على الرب يسوع، وهو يتأنّ علينا لنتوب توبة كاملة وان نجاهد وان نتمم وصاياه كاملة ونلجأ اليه في كل الامور حتى في استعمال العلوم الجيدة منها لمساعدة الاخرين،  وان نلجأ الى محبته ومعرفته ومحبة القريب حتى الموت والشهادة. وهو قادر ان يعطينا الماء من الصخرة والخبز من السماء ويشرق شمسا جديدة ويعطينا سماء جديدة وارضا جديدة عندما نطلب، ويكون هو قد رضي علينا.


[1]Pierre Bourdieu
[2] Eng: gender, French: genre
وهي علوم عن المساوات بين الرجل والمراة في كل المجالات من السياسية، والتاريخية الى  العائلية والجنسية وعن كل المشاكل التي لها علاقة بالعنف النفسي، الجسدي والجنسي. وهي تتضمن ايضا حقوق المغتربين والعنصرية وحقوق المثليين.